المهندس زهير العمري،،، رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني

 

- حل المعيقات التي تواجه قطاع الإسكان يدعم خزينة الدولة

- التراجع المستمر في حجم التداول العقاري يرهق المستثمر والحكومة معاً

- التعقيدات التي يواجهها قطاع الإسكان أدت إلى هجرة رؤوس الأموال الأردنية

- يجب على الحكومة التفكير بإيجابية لإيجاد حلول تراعي المصلحة الوطنية

- قطاع الإسكان يشغل أكثر من 40 قطاع مساند، وأكثر من 100 مهنة للأفراد

- انخفاض حجم التداول العقاري بحوالي 2.5 مليار دينار خلال 4 سنوات،

يعتبر مؤشر خطير على الصعيد الوطني

 

حوار رئيس التحرير - عمان

تأسست جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني عام 1988، بهدف تنمية الاستثمار في قطاع الإسكان والمساهمة في النمو الاقتصادي الوطني والمساهمة في تنمية المجتمعات المحلية، كما تعمل الجمعية على التعاون مع المؤسسات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص في كل ما من شأنه خدمه وتطوير الاستثمار في قطاع الإسكان وتعزيزه، والمساهمة في وضع السياسات الخاصة بتنمية الاستثمار بالتعاون مع الجهات المعنية.

المهندس زهير العمري رئيس الجمعية يستعرض، في هذه المقابلة الخاصة بمجلة جوردان لاند، المعوقات التي تواجه قطاع الإسكان بشكل عام والجمعية وأعضائها بشكل خاص، حيث التراجع في حجم التداول العقاري يبدو واضحاً بشكل كبير في السنوات الأربعة الأخيرة، فيما تتغير الأنظمة والقوانين الخاصة بالأبنية في كل من أمانة عمان والبلديات لتجعل من إقامة الشقق والمشاريع السكنية هدفاً صعباً أمام المستثمرين، وغيرها من المعوقات التي تؤرق أعضاء الجمعية وتقلقهم على مستقبل الاستثمار العقاري في الأردن، وهو ما دفع البعض منهم للخروج من الأردن والاستثمار في دول أخرى، وعدد آخر يفكر بالخروج لإيجاد فرص استثمار أفضل.

 

جوردان لاند: قطاع الإسكان محرك لأكثر من 40 قطاع مرتبطة به، ماذا يعني ذلك؟

العمري: إن قطاع الإسكان الحيوي والهام، والذي يحرك أكثر من 40 قطاعاً مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً، وأكثر من 100 مهنة تعمل في هذا القطاع، أصبح يعاني من عدة مشاكل وصعوبات تجعله عاجزاً عن النمو والتطور، في ظل تشريعات متقلبة على أيدي حكومات متعاقبة لم تنظر له كقطاع مهم وحيوي ورئيسي في عملية التنمية بشكل عام وقطاع مولد لفرص العمل.

كما لم تنظر الحكومة للجمعية وأعضائها، الذين وصل عددهم إلى 3500 شركة!!!، كعنصر أساسي يحمل عبئاً كبيراً عن كاهل الحكومات من خلال تولي ملف الإسكان في الأردن وتوفير المساكن للمواطنين من كافة الفئات.

 

جوردان لاند: التراجع المستمر في حجم التداول منذ عام 2015، ماذا يعني لكم وللحكومة؟

العمري: إن حجم التداول العقاري يشهد تراجعاً مستمراً منذ حوالي 4 سنوات، حيث وصل في عام 2014 إلى حوالي 7.8 مليار دينار، وهو أعلى رقم وصله في آخر 10 سنوات، ليبدأ بالتراجع وينخفض في عام 2015 إلى 7.6 مليار دينار، ثم إلى 7 مليار في عام 2016، وليصل في عام 2017 إلى 6 مليار دينار، وكذلك كان الحال في عام 2018، حيث وصل حجم التداول العقاري في أول 11 شهر إلى 4.8 مليار دينار.

وهنا أود أن أشير إلى أنه تبرز معطيات وحقائق كثيرة ومهمة مبنية على هذه الأرقام، ومنها:

- هذا التراجع في حجم التداول يعني تراجع في إيرادات الخزينة العامة للدولة من عدة نواحي، فهناك تراجع في رسوم نقل ملكية العقارات التي تتقاضاها الحكومة، وهناك تراجع في الضرائب التي تدفع للحكومة على العديد من المواد والمنتجات التي تدخل في تكاليف البناء، وهناك تراجع الرسوم التي تتقاضاها الحكومة على الخدمات المقدمة لقطاع الإسكان... وغيرها الكثير من الخسائر التي تتحملها الحكومة نتيجة تراجع قطاع العقار.

- كما أن المستثمرين في قطاع الإسكان والعقار بشكل عام يتحملون خسائر متراكمة نتيجة تراجع القطاع العقاري وتوقف مشاريعه، حيث تتحمل العديد من الشركات أعباء القروض البنكية التي تستخدمها في بناء المشاريع، وذلك نتيجة تعطل بيع العمارات السكنية والمجمعات التجارية، وهذا ينعكس على الحركة التجارية في الأردن بشكل عام، كما أشرنا سابقاً، من خلال التراجع الكبير الذي يصيب القطاعات المرتبطة والمساندة للقطاع العقاري.

- يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك نمواً سكانياً طبيعياً في الأردن، وهذا النمو يتطلب نمواً موازياً في عدد المساكن التي تباع سنوياً، وبالتالي فإن التراجع في عدد الشقق المباعة سنوياً، مقارنة بالسنوات السابقة، هو تراجع ذو أثر مضاعف بمعنى يحدث تراجع في المعدل السنوي لمبيعات الشقق، في الوقت الذي يجب أن ينمو حجم المبيعات بالتزامن مع النمو السكاني الطبيعي، فكلما زاد عدد السكان وعدد عقود الزواج سنوياً، كلما زادت الحاجة لمساكن جديدة تغطي ذلك النمو.

- إن هذا التراجع يؤشر أيضاً إلى تراجع عدد شركات العاملة في السوق، فمثلاً نحن لدينا في الجمعية حوالي 3500 شركة مسجلة، لكن عدد الشركات الفاعلة منها حوالي 1700 – 1800 شركة فقط، وأيضاً بعض الشركات الفاعلة توقفت عن إقامة مشاريع جديدة نظراً لتكدس الشقق لديها وعدم قدرتها على البيع.

- تشير هذه المعطيات وغيرها إلى أن الأمور في القطاع العقاري غير مستقرة، وتشير إلى خلل واضح في المعادلة الاستثمارية الخاصة بهذا القطاع، ويجب على جميع الأطراف المعنية المسارعة إلى البحث عن حلول عملية لإعادة إحياء هذا القطاع الهام، فالحكومة والبنوك والبلديات وأمانة عمان والجمعية معنيين بالجلوس على طاولة واحدة للخروج بحلول منطقية تساعد الجميع وتحقق مصالحهم.

 

 

جوردان لاند: هل يمكن لنا حصر التحديات التي تواجه القطاع العقاري؟

العمري: للأسف التحديات التي تواجه القطاع العقاري في الأردن تزداد يوماً بعد يوم، وهي تدفع بالعديد من المستثمرين للخروج من الأردن إلى للاستثمار في دول أخرى محيطة بنا، وترك القطاع الذي أصبح يشكل عبئاً عليهم ويرتب عليهم التزامات مالية غير قادرين على تغطيتها، ويمكننا هنا أن نستعرض أهم تلك التحديات:

- ارتفاع أسعار الأراضي التي تضاعفت عشرات المرات خلال العقود الثلاث الماضية، فلا يعقل أن يصل سعر دونم الأرض، في بعض المناطق، إلى أكثر من مليون دينار وتقام عليه 8 -10 شقق!!.

- ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل مستمر، سواء المحلية او المستوردة، وهذا انعكس على الكلفة الاجمالية للمساكن، مما ساهم في الحد من أعداد المواطنين القادرين على شراء المساكن.

- ارتفاع كلفة العمالة إلى أكثر من 5 أضعاف خلال العشرين سنة الماضية.

- وبالتزامن مع ارتفاع كلف العقار، تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، إذ أن تزايد أسعار الأراضي والشقق لم يواكبه نمو في دخل المواطن، ففي الوقت الذي تصل فيه قيمة الشقة إلى 100 ألف دينار مثلاً، لا يمكن للمواطن الحصول على قرض سكني إذا كان دخله أقل 1500 – 2000 دينار لتغطية قيمة قسطه الشهري!!.

- ارتفاع نسب الفوائد البنكية على القروض السكنية، خصوصاً في الأعوام 2017/ 2018، حيث وصلت إلى 9%، وهذا من شانه رفع المبالغ الكلية التي يجب على المشتري دفعها، إذ أن أي قرض بنكي يتضاعف بنسبة تزيد عن 100% كل 20 سنة، وهي المدة التي غالباً ما يختارها المشتري لتسديد قرضه لتتناسب مع قيمة القسط الذي يستطيع دفعه شهرياً؛ في حال انطبقت عليه شروط الحصول على القرض.

- عدم ثبات قرارات إعفاءات وحوافز رسوم نقل ملكية الشقق للمشتري لأول مرة، وكثرة إلغائها أو تعديلها، مما سبب إرباكاً في سوق العقار، وبالتالي يجب تثبيت قرار إعفاء المواطن من رسوم نقل ملكية لأول مسكن، بغض النظر عن مساحته أسوة بكثير من الدول.

- قامت الحكومة السابقة بتحديد نسبة أرباح شركات الإسكان بأنها تتراوح بين 25-40% لغايات احتساب ضريبة الدخل، وهذا غير واقعي وغير حقيقي، مما رفع نسبة الضريبة بشكل كبير على القطاع، وأوجد نظرة عدائية للمستثمرين من قبل المجتمع.

ومن الضروري إعادة النظر بنسبة أرباح شركات الإسكان المحددة، وتعديل الأنظمة المنبثقة عن القانون لتتفق مع الواقع؛ وتساهم بمعالجة الأوضاع الإقتصادية الصعبة ولتحقيق العدالة.

 

جوردان لاند: ما هو المطلوب، وما هي الحلول المقترحة لإنعاش القطاع العقاري، وفي نفس الوقت زيادة إيرادات الخزينة من نشاطه؟

العمري: هناك عدة أمور، وعدة جهات معنية بإيجاد الحلول لإنعاش القطاع العقاري لتعود الفائدة على الجميع، الحكومة والمواطن والمستثمر، ويمكننا أن نذكر هنا بعض النقاط الأساسية:

- قبل كل شيء، من الضروري أن تقوم الحكومة بإعادة النظر بالأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستفادة من نسب البناء المسموح بها على الأراضي بجميع تصنيفاتها (أ، ب، ج، د)، وعدد الطوابق المسموح إقامتها على كل قطعة أرض إذ ارتفعت أسعار الأراضي خلال العقود الماضية عشرات المرات، وأصبحت نسبة مساهمة قيمة الأرض في سعر الشقة تتجاوز حالياً أكثر من 55%، وهذا ساهم في رفع قيمة الشقق بنسب عالية، فيما كانت هذه النسبة في الثمانينات تتراوح ما بين 12 – 15% فقط.

- يجب البحث جدياً في مبادرات جديدة وخلاقة لتخفيض الفوائد البنكية على القروض السكنية، وذلك أسوة بكثير من دول العالم التي تعطي تسهيلات بنكية حصرية لقطاع الإسكان، بهدف المحافظة على قوة واستمرارية هذا القطاع الحيوي، فالطلب على المسكن مستمر ومتزايد وينمو بشكل طبيعي مع تزايد السكان في أي بلد.

- على الحكومة إعادة تطبيق خطة التحفيز التي طبقت في العامين 2010 / 2011، والتي تناولت تخفيض رسوم نقل الملكية من 9% إلى 5%، إذ أن هذا يشجع المواطنين على الاستفادة من فروقات قيمة التسجيل لأي عقار، وهذا ما ثبت فعلياً خلال الأعوام التي طبقت خلالها خطة التحفيز.

- رفع سقف الإعفاء ليصل إلى 300 متر للشقة الواحدة، بحيث يعفى أول 150 متر من مساحة الشقة من الرسوم نهائياً، فيما يتم دفع الرسوم على المساحة المتبقية، وهذا يساهم في تحريك سوق الشقق كبيرة المساحة التي تحتاجها العائلات كبيرة العدد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المستثمر يضطر أحياناً لبناء مثل هذه الشقق الكبيرة نتيجة عدم السماح له ببناء شقق صغيرة بسبب إفراز قطع الأراضي بمساحات كبيرة.

- هناك توافق تم بين 11 جهة معنية بالقطاع العقاري، وخرج بعدة توصيات وملاحظات يمكن العمل بها لتحفيز نمو قطاع العقار، وهي في الغالب جوانب فنية وهندسية من المفيد مناقشتها والتوافق عليها مع أمانة عمان والبلديات، ومنها:

- السماح ببناء طابق خامس في المناطق المنظمة التي فيها شوارع بعرض 20 متر وأكثر، وعلى الأراضي الخالية فقط، والسماح ببناء طابق خامس وسادس وأكثر في المناطق الجديدة على شوارع سعة 14 متر فما فوق.

- إعادة النظر في موضوع الكثافة السكنية المعمول بها في أمانة عمان وتطبيقها في مناطق محددة مرافقة للتصميم الحضري للمدينة.

- إعادة السماح بإنشاء طابق السطح، وتشريع ترخيصه متصلاً بالطابق الأخير.

- السماح ببناء بلاكين في الارتداد الأمامي، شريطة أن تكون مستثناة من النسبة المئوية المسموح بها.

- تطوير أراضي جديدة وقريبة من اتجاهات النمو السكاني، والعمل على تنظيمها وتزويدها بالخدمات، بهدف تخفيض كلفة الأرض من خلال زيادة المعروض، ومنح تسهيلات لتقسيم وترخيص وبناء القطع المحاذية للتنظيم بأحكام خاصة كضواحي سكنية.

- وهناك جوانب أخرى يمكن دراستها وإجراء التعديلات اللازمة عليها؛ بحيث تؤدي إلى تحفيز القطاع مثل مواقف السيارات المطلوبة للمشاريع التجارية، والرسوم والغرامات المفروضة على بعض البنود، والتحديد المسبق للمهن والإستعمالات في الأبنية التجارية.. وغيرها.

وبعد هذا كله، فإن تحقيق هذه الملاحظات سينعكس على الكلف الاجمالية للبناء، وبالتالي زيادة حجم التداول العقاري الذي سينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي العام في الأردن، وعلى زيادة الإيرادات العامة للدولة وزيادة فرص العمل للمواطنين.

11-كانون الثاني-2019 03:47 ص

نبذة عن الكاتب